تغريم مبارك ونظيف والعادلي 540 مليون لقطع الاتصالات أيام الثورة

قضت محكمة القضاء الإداري -السبت- بتغريم الرئيس السابق حسني مبارك ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي 540 خمسمائة وأربعين مليون جنيه تعويضا عن الأضرار التي لحقت بالاقتصاد القومي لقطع خطوط الهواتف المحمولة والانترنت خلال ثورة 25 يناير.

وقررت المحكمة برئاسة المستشار حمدي ياسين بقبول دعوى تعويض الدولة عن قطع الاتصالات أثناء الثورة وإلزام مبارك بتعويض 200 مائتى مليون جنيه والعادلي 300 ثلاثمائة مليون جنيه ونظيف 40 أربعين مليون جنيه من مالهم الخاص لإضرارهم بالاقتصاد القومي .

وهذا هو أول حكم يصدر على مبارك منذ تنحيه عن الرئاسة في 11 الحادى عشرمن فبراير/ شباط ، ويواجه مبارك اتهامات أكثر خطورة من بينها قتل محتجين وهي تهمة أقصى عقوبة لها هي الإعدام.

كما احتفظت المحكمة بحرية خزانة الدولة فى إعادة النظر لتقرير زيادة التعويض من عدمه فى مدة أقصاها نهاية السنة المالية 2011-2012 وألزمتهم المحكمة بمصروفات التعويض.

تعود وقائع الدعوة عندما أقام أحمد عبدالعال المحامى عن المركز المصرى لحقوق السكن دعوة قضائية ضد رئيس الجمهورية السابق محمد حسنى مبارك ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى طالب فيها بمنح الحكومة تعويضا لهم عن الأضرار التى لحقت بهم جراء قطع خدمات المحمول والانترنت أثناء الثورة.

وقالت المحكمة في أسباب حكمها إن قطع خدمات الاتصالات عن الهواتف المحمولة وخدمات الإنترنت جاء انتهاكا لحرية التعبير والحق في الاتصال والحق في الخصوصية والحق في استخدام الطيف الترددي والحق في المعرفة وما يتصل به من "الحق في تدفق المعلومات وتداولها" وارتباطه بكل من "الحق في التنمية" , و "الحق في الحياة".

وأكدت المحكمة أن سلامة الأمن الوطني إنما تعني سلامة أمن البلاد لا سلامة أمن النظام الحاكم, الذي لا تكفل سلامته سوى تعبيره الصادق عن آمال وطموحات الشعب وفقا للعقد الاجتماعي الذي قام النظام على دعائمه, وبالتالي لا تكون سلامة الأمن الوطني بتقطيع أوصال المجتمع وفصله عن بعضه البعض وعزل مواطنيه في جزر متباعدة, مشددة على أن الأمن يعني التواصل والتشاور والحوار وليس لأحد في مجتمع ديمقراطي أن يدعي الحق الحصري في صيانة أمن المجتمع.

وأشارت المحكمة إلى أن المحافظة على النظام العام والأمن القومي وصيانة المجتمع لا تكون بحجب التواصل وقطع خدمات الاتصالات والتلصص على ما يتم منها. مشددة على انها - أي المحكمة - رأت عدم مشروعية قرار قطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت.

وتطرقت محكمة القضاءالإداري إلى ملابسات وظروف قرار قطع خدمات الاتصالات والرسائل القصيرة عن الهواتف النقالة وخدمات الإنترنت من " أن البلاد قد عاشت حقبة من الفساد السياسي, وإهدار المال العام, وانتهاك الحقوق والحريات العامة, وتزوير وتزييف الحياة النيابية, وغيبة العدالة الاجتماعية, وبروز الفوارق الشاسعة بين الطبقات, وتخلى النظام الحاكم السابق نهائيا عن مسئولياته السياسية والاجتماعية تجاه المواطنين فازداد الفقراء فقرا, وانتشرت الرشوة والمحسوبية واستغلال النفوذ , وتدخل جهاز مباحث أمن الدولة في حرمة وخصوصية المواطنين وتحديد مصائرهم في شغل الوظائف العامة وغيرها"

وأضافت المحكمة أن قرار قطع خدمات الاتصال لم يكن قرارا عفويا أنتجته ظروف الاحتجاجات السلمية المتقدم بيانها , وإنما كان قرارا متعمدا ومقصودا تم
الترتيب والإعداد له قبل بزوغ فجر ثورة 25 يناير, موضحة أن كلا من وزارات الداخلية والاتصالات والإعلام بمشاركة شركات المحمول الثلاث والشركات المقدمة لخدمة الإنترنت, قامت بإجراء تجارب إحداها تم في السادس من إبريل عام 2008 , والأخرى تمت في العاشر من أكتوبر 2010 ` أي قبل بداية ثورة 25 يناير بثلاثة شهور ` تستهدف قطع الاتصالات عن مصر وكيفية حجب بعض المواقع الإلكترونية , وأسلوب منع الدخول على شبكة الإنترنت " لمدينة أو لمحافظة أو لعدة محافظات", وكذلك حجب أو إبطاء مواقع إلكترونية محددة .

وأشارت المحكمة إلى أن تلك التجارب انطوت على منع خدمة التليفون المحمول للشركات الثلاث عن منطقة بذاتها أو مدينة أو محافظة أو عن مصر كلها , لافتة إلى أنه ثبت من واقع التقرير التفصيلي عن أحداث قطع خدمة الاتصالات عن الهواتف المحمولة وشبكات المعلومات الدولية, فإن لجنة وزارية اجتمعت برئاسة الدكتور/ أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء السابق وعضوية سبعة من الوزراء والقيادات من بينهم حبيب العادلي وزير الداخلية السابق استعرضت الإجراءات المختلفة في عدة قطاعات المطلوب إتباعها استعدادا لأحداث 25 يناير في ضوء التقييمات الأمنية, وقررت اللجنة الوزارية أن تشمل الإجراءات قطع خدمات الاتصالات للمحمول والإنترنت في مواقع مختلفة بالجمهورية إذا دعت الحاجة لذلك طبقاk للتقييم الأمني في حينه وفي حالة
تعرض الأمن القومي للخطر.

وذكرت محكمة القضاء الإداري أن وزير الداخلية الاسبق حبيب العادلي بصفته المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومي داخل البلاد للخطر من عدمه بحكم طبيعة عمله , قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة بضرورة قطع خدمات المحمول عن منطقة ميدان التحرير اعتبارا من بعد ظهر يوم الثلاثاء الموافق 25 يناير حتى صباح اليوم التالي , ثم قام بإصدار قراره وتعليماته المشددة إلى غرفة العمليات عدة مرات يوم الخميس الموافق 27 يناير بضرورة قطع خدمات الاتصالات اعتبارا من صباح الجمعة 28 يناير لوجود خطورة على الأمن القومي.

وأكدت المحكمة أنه ثبت لديها أن مصدر القرار لم يكن وزير الداخلية الأسبق وحده , فقد كان لكل من رئيس الجمهورية السابق حسني مبارك ورئيس مجلس الوزراء الأسبق دور واضح وصريح , فرئيس الجمهورية مسئول عما يمس سلامة المواطنين بقدر مسئوليته عما يمس سلامة الوطن والأمن القومي.. ومن ثم فإن قطع خدمات الاتصالات والإنترنت هو قرار مشترك بين هؤلاء بحسبان رئاسة الجمهورية هي أحد أجهزة الأمن القومي.

كما شارك في إصدار القرار رئيس مجلس الوزراء الأسبق نظيف الذي شكل اللجنة الوزارية التي اتخذت قرارات قطع الخدمة وتركت لوزير الداخلية تقدير توقيتها بتوجيه الأوامر بقطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت, ومن ثم يكون القرار المشار إليه قد صدر بمشاركة ومباركة ثلاثة أقطاب من الحاكمين والمتحكمين في أقدار الشعب المصري هم رئيس الجمهورية السابق ورئيس مجلس الوزراء الأسبق ووزير الداخلية الأسبق.

وأكدت المحكمة عدم صحة السبب (الظاهر) المتعلق بإدعاء حماية الأمن القومي للبلاد, مشيرة إلى أن السبب الحقيقي والدافع لإصدار قرار قطع خدمات الاتصالات والإنترنت كان هو حماية للنظام , وليس حماية للدولة.

وأشارت المحكمة إلى أن أوراق الدعوى قد كشفت عن أن الاقتصاد القومي المصري قد تكبد أضرارا بالغة نجمت عن قرار قطع خدمات الاتصالات وخدمات الإنترنت, عن أن خسائر قطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بلغت في خمسة أيام نتيجة قطع تلك الخدمات (90 مليون دولار أمريكي ) خلال فترة انقطاع الخدمة في أعقاب ثورة 25 يناير, أي ما يمثل خسارة تقارب الـ 18 مليون دولار يوميا, وأن هذا المبلغ لا يشمل الآثار الاقتصادية الثانوية التي تحسب عن فقدان الأعمال في القطاعات الأخرى المتضررة من إيقاف خدمات الاتصالات مثل التجارة الإلكترونية والسياحة ومراكز الاتصال.


0 التعليقات:

إرسال تعليق


زوارنا الكرام ,,,
برجاء عرض أرآئكم على الأخبار المنشورة حتى نتواصل بشكل أفضل.
و شرف لنا أن تحتوى هذه المدونة المتواضعة على تعليقاتكم.